مكارم الخلق هي الأساس في الإسلام ..
وفي الطبيعة السوية للإنسان
وعلى نقيضها مساوئ الأخلاق .. تلك التي
ينفر منها كل طبع سليم ، وفطرة سليمة .
يقول الشافعي :
إذا رمت أن تحيا سليماً من الردى .. ودينك موفور وعِرْضُكَ صَيِنّ
لســــــــانك لا تذكر به عورة امرئ .. فكلك عــورات وللناس ألسن
وعينــــــــاك إن أبدت إليك معايباً .. فدعها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى..ودافع ولكن بالتي هي أحسن
الهمز .. واللمز .. والتهكم بالقول أو الفعل أو الإشارة
والنظر إلى الغير بعين النقص..
ذلك ماتحمله معاني السخرية ..
وهي ليست من الخلق الإسلامي
لأنها تضمن معنى احتقار الإنسان لأخيه الإنسان
كما أن إفشاء المرء سرّاً مودعاً عنده ..
سواء بالكتابة أو الإشارة أو الكلام .
يعد دليلاً على سوء النية وخيانة للأمانة ..
وانعدام المروءة .
تلك صفات تغضب الرحمن ، وترضي الشيطان ..
وقد نهى الله تعالى عن هذا الخلق فقال ؛
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ
عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ
عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ
وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ
وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ).
ولكن لو تساءلنا :
ماهي النتائج التي تجرهاالسخرية؟
ولم قد نهى الإسلام عنها ؟
ياتينا الجواب :
السخرية تفقد المرء وقاره وهيبته ،
وتورث الحقد والضغينة بين الناس ،
وتؤجج الكراهية. وتشعل العداوات ..
حين ينادي المسلم أخاه..
بما يكره من الألقاب ..
أو يطلق عليه مايمقت من الصفات..
فالإسلام يعتبر المؤمنين كالجسد الواحد
فمن عاب أخيه أو تهكم عليه ، أو سخر منه
فكأنما قد عاب نفسه ،
وغالباً مايكون من وقع عليه عمل الاستهزاء
أفضل عند الله من المستهزئ.
وقد بلغ من حرص السلف الصالح على عدم السخرية
ماورد عن عبد الله بن مسعود :
( إن البلاء موكل بالقول ، فلو سخرت من كلب
لخشيت أن أحوّل كلبا ).
وفي حادثة عن ابن مسعود .. أنه كان دقيق الساقين
وفي إحدى المرات أطارت الريح ثوبه وكشفت عن ساقيه
فضحك القوم منه .. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :
( مم تضحكون ؟ ) قالوا : يانبي الله من دقة ساقيه ،
قال :
( والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحد ).
أختي الفاضلة :
أو تعلمين أيضاً لم قد نهى الإسلام عن إفشاء السرّ ؟
لأن إفشاء السر صفة من صفات المنافقين . .
وفيه إيذاء وتهاون بحق الأصدقاء والمعارف وكل من ائتمن..
وهو مدعاة إلى فقد الثقة بين الناس .
كما أنه طبع دنئ.. يعوّد صاحبه على الخيانة وفساد المروءة .
يقول الرسول الكريم :
( آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ،
وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ )
هذا وإفشاء السر يدل على قلة الصبر ، وضيق الصدر
ولا يوصف به إلا الضعفاء ..
يقول الشاعر :
إذا ضاق صدر المرءعن سر نفسه
فصدر الذي يستودع السرّ أضيقُ
أقوال في حفظ السر :
من أقوال الحكماء :
إن سرك من دمك ، فانظر أين تريقه .
وقال الشاعر :
وسرك ما كان عند امرئ - وسر الثلاثة غير الخفي
وفي حادثة روى أنس بن مالك :
كنت ألعب مع الغلمان فأتانا الرسول صلى الله عليه وسلم
وأخذ بيدي فبعثني بحاجة ،
وقعد في ظل جدار حتى رجعت إليه فبلغت الرسالة
التي بعثتي بها .. فلما أتيت أم سليم قالت :
ماحبسك ؟
قلت : بعثني الرسول في حاجة .
قالت : وماهي ؟
قلت : سرّ.
قالت : احفظ على رسول الله سرّه .
قال : فما حدثت به أحداً بعد . .!
ختاماً :
يقول الإمام مالك :
لا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب ..
وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد ..
فإنما الناس مبتلى ومعافى ..
فارحموا أهل البلاء .. واحمدوا الله على العافية.
واياك ان تقول :
هذا من اهل النار .. وهذا من اهل الجنة ..
ولا تتكبر على اهل المعصية ..
بل ادع لهم بالهداية والرشاد..
عافانا الله من آفات الخلق وجعلنا وإياكن
ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وممن يلتزمون بمكارم الأخلاق .
ـ حديث الروح ـ
من مساوئ الأخلاق ~
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق