الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015

نبي الهدى ~*


ميلاد النبي نور شع في الكون ..

فإذا بظلمات الجاهلية تتبدد.. ويشرق فجر جديد ..
فجرٌ عمّ الآفاق بأنواره .. فإذا هي تغتسل بالطهر وترتدي ثوب البياض ..
بعد سبات عمّ الدنيا مع تباعد العهد بين الخاتم المطهر وبين من سبقه
فكان مولده بشرى العودة إلى حظيرة الإيمان ..
وكمال الدين كما اختاره الله عز وجل ..

أزهار من قصيدة ولد الهدى :
ولد الهدى فالكائنات ضياء ~ وفم الزمان تبسم وثنـــــــــاء
الروح والملأ الملاءك حوله ~ للدين والدنيا به بشــــــــراء
والعرش يزهو الحظيرة تزدهي والمنتهى والسدرة العصماء
وحديقة الفرقان ضاحكة الربا~ بالترجمان شذية غنّـــــــــاء
والوحي يقطر سلسلاّ من سلسلٍ واللوح والقلم البديـع رواء



هنا لانتكلم عن المولد بل نتكلم عن شخصية محمد صلى الله عليه
التي وضعت الميزان الدقيق لما يجب أن يكون عليه الإنسان في أكمله ...
فالشخصية المحمدية هي آعظم شخصية بشرية خلقاً ..
وأعظم شخصية عاشت تجربة الحياة كما عاشها كل البشر ..
وانتظمت في نفس الأسباب التي انتظموا بها..
ثم فاقت جميع مستويات البشر وسجلت البطولة الكبرى للشخصية ..
وماهي هذه البطولات في الشخصية المحمدية ؟

إنها تتمثل في كل أمر من الأمور في الحياة ..
فالبطولة أنه كان بشراً يحتاج ويكدح في كل حاجيات الحياة ..
ولا يقعده ذلك عن دعوة الناس إلى عبادة الله..
ومايتبع ذلك من مشاق في القيام بأعباء الدعوة..


إنه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .. آخر الأنبياء وقدوة البشر جميعاً
إلى آخر الحياة الدنيا ..
فكما خلقنا الله تعالى وجعلنا نكد في الحياة ونأخذ بقانون الأسباب..
بعث إلينا نبياً كانت حياته كلها حتى آخر يوم تسير على نفس قانون البشر
ولم يبعث إلينا نبي خوارق ومعجزات وكفى ..
ولكن نبياً عانى تجربة الحياة كما عانى الناس ..
في كدحها والأمها وسرورها وحاجاتها وصدماتها ...
وأزماتها وأفراحها ومصائبها ..
فجاع .. وتألم .. وحزن .. وفرح .. وشبع .. وتزوج وعانى ..
وتعرض كزعيم وقائد لكل مايتعرض له كل صاحب مبدإ جديد ..
للسخرية.. والاستهزاء .. والتنكيل .. والتشريد .. والاضطهاد ..
والتضييق .. والتعذيب .. وفراق عن الوطن .. وتألب الأعداء عليه ..
وتعدي الدول المجاورة .. والاتهام بالجنون والسحر ..

كان الجوع يبلغ به أحياناً مبلغاً يجعله يشد الحجر على بطنه...
وكان يستطيع أن يختار حياة رفاهية ونعمة .. ولكنه اختار مااختاره الله له ..
ليكون أعلى مثال بشري .. ينتظم على الأسباب .. ولا تنحرف الأسباب به..



إن الله تعالى اختار لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ..
أشق مافي الحياة من تجارب .. لينظر الناس ماذا يفعل ؟!!
فإذا به يقتحمها اقتحام الأبطال .. في قوة لايتحملها بشر ..
لقد كان شخصية غلّابة دائماً في وجه كل العقبات .. فما استكان وما وهن ..
وما يئس وما فتر .. وما ضعف لحظة من حياته ..
لقد كان كما أراده الله تعالى نبياً يخوض الحياة بمصاعبها ..
ويمثل الإنسان الأعلى .. لتقوم به الحجة على البشر جميعاً ..
ولم يجعله تبارك وتعالى نبياً للخوارق كما الأنبياء من قبله ..
حتى لايقول الناس .. إنه في ناموس غير ناموسنا فلا نسبة بيننا وبينه.

كان نبينا الكريم بذاته المعجزة .. لأنه كان يتخلق بالقرآن ..
وكان سلوكه القرآن .. ونهج حياته القرآن ..
فمعجزة القرآن تمثلت بالمنهج التربوي الكامل ..
الذي قدمه لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
مثالاً عملياً طبّق به القرآن ... ( كان خلقه القرآن )

عن عائشة قالت :
( كان النبي يُحرَسُ حتى نزلت هذه الآية :
< والله يعصمك من الناس >
فأخرج الرسول رأسه من القبة فقال :
أيها الناس انصرفوا ، فقد عصمني الله ).

لقد كان يتخذ الأسباب ويحرس من العدو المتربص ..
فلما جاءه الوحي أن الله يمنع عنه العدوان ..
نادى أن انصرفوا .. وطبق أمر الله تعالى كما أنزل إليه فوراً ..




إنه نبي الأسباب .. يأخذ بها في كل أمور حياته..
وهذا الذي يجب علينا التركيز عليه ..
فلا نذهب لنبحث عن الخوارق في حياته وننسى عظمة شخصيته ..
الشخصية المعجزة التي لم تخرج عن ناموس البشر ومعاناته ..
بل عاشتها بكل تفاصيلها وعلى محكٍ قاسي ..
حتى أنه لم يؤذى نبي قبله كما أوذي ..
ومع هذا قدمت شخصيته أ كمل مثال عملي للإنسان ..
ليسير الناس على نهجها إلى آخر لحظة في الحياة الدنيا .

جمعنا الله على الهدى ..
وجعلنا من الذين يقتفون أثر نبي الهدى ..



ـ حديث الروح ـ
ولي النبض الآخــــر




نبي الهدى ~*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق