الأربعاء، 4 مايو 2016

النفوس الحاقدة



من مقالة الدكتورة أمنة نصير
من الناس من يحمل نفساً مُظلمة وقلباً أسود لا يعرف للعفو طريقاً ولا للصفح سبيلاً ويحقد على من يسيء إليه ولا يكاد ينسى إساءته فتجده يتربص بصاحبه ليشفي غيظه ويروي غليله وهذه من صفات النفس الحاقدة قال تعالى: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد) «سورة البقرة، الآيتان 204 - 205». وقال عز وجل: (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين) «سورة الحجر، الآيتان 47 - 48».

وتقول الدكتورة آمنة نصير - الأستاذ بجامعة الأزهر: لم يرد لفظ الحقد في القرآن الكريم صراحة وإنما ورد بمعناه الغل قال تعالى: (ونزعنا ما في صدورهم من غل) «سورة الأعراف، آية 43»، يقول الإمام الرازي في تفسير هذه الآية الغل الحقد الذي يدخل القلب ويصل بالحيلة إلى الذنوب الدقيقة والمراد أن الله تعالى أزال الأحقاد التي كانت في نفوس بعض الناس في دار الدنيا ومعنى نزع الغل: أي تصفية الطباع وإسقاط الوسواس ومنعها من أن تطبع على القلوب وفي هذا قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: لإني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال الله تعالى فيهم: «ونزعنا ما في صدورهم من غل». وقال بعض العلماء: المراد بالغل في هذه الآية أن درجات أهل الجنة متفاوتة بحسب الكمال والنقصان في الإنسان فالله تعالى: أزال الحسد عن قلوبهم حتى أن صاحب الدرجة الأدنى في الجنة لا يحسد صاحب الدرجة الأعلى فيها.

وقال القرطبي: ذكر الله عز وجل في هذه الآية ما ينعم به على أهل الجنة وهو نزع الغل والحقد الكامن في صدورهم. وقال السعدي: هذا من كرم وإحسان الله على أهل الجنة أن زال الغل الذي كان موجوداً في قلوبهم والتنافس الذي بينهم حتى يكونوا إخواناً متحابين وأخلاء متصافين ويخلق الله لهم من الكرامة ما يحصل لهم من الفرحة والسرور والنعيم وبهذا يأمنون من التحاسد والتباغض بعد انعدام أسبابه. ولما كانت الجنة دار سعادة ونعيم شامل كان أصحابها مبرأين من كل حقد وغل ومن كل علة خلقية تسبب لهم آلاماً وكدراً ووصف الله أهل دار النعيم يوم القيامة بأنهم مبرأون من كل غل وما كان من غل في صدورهم في الدنيا فإن الله ينزعه منها متى دخلوا الجنة.
وقال تعالى: (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) «سورة الحشر، الآية 10» جاء في تفسير السعدي أن هذا دعاء شامل لجميع المؤمنين السابقين

» جاء في تفسير السعدي أن هذا دعاء شامل لجميع المؤمنين السابقين من الصحابة ومن قبلهم ومن بعدهم وهذا من فضائل الإيمان أن المؤمنين ينتفع بعضهم ببعض ويدعو بعضهم لبعض والنفس الحاقدة تتصف بعداوة القلب والحقد محرم بين المؤمنين لأنه يشيع الكراهية بين الناس وله نتائج خطيرة على المسلم والمجتمع الإسلامي ومنها الحسد الذي يجعل الحاقد يتمنى زوال النعمة عن أخيه المسلم فيحزن بنعمة الله على الآخرين ويفرح بمصيبة أصابتهم ويشمت بما أصابهم من البلاء ويتكلم الحاقد في حق المحقود عليه بما لا يحل من كذب ونميمة وغيبة ويفشى سره ويهتك ستره ويعتدي عليه ويمنعه حقده من قضاء الدين وصلة الأرحام ورد المظالم.

م




النفوس الحاقدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق