الأربعاء، 21 مايو 2014

سر جمالك


سر جمالك

محمد بن عبد الله الهبدان






بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:



من صفات المرأة [ ] المسلمة الحياء، وهو الخلق النبيل الباعث دوماً على ترك القبيح، ويعدٌّ الحياء [ ] من أخص صفات المرأة [ ] المسلمة، ولذلك عندما وصف الصحابة [ ] حياءَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا: (كان أشدَّ حياءً من العذراء في خِدرها)[1]، يقول ابن القيم [ ] -رحمه الله-: (وخلق الحياء [ ] من أفضل الأخلاق [ ] وأجلها، وأعظمها قدراً، وأكثرها نفعاً، بل هو خاصةُ الإنسانية، فمن لا حياء فيه ليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم، وصورتهما الظاهرة، كما أنه ليس معه من الخير شيء)[2].

والمرأة [ ] المسلمة تستحي من الله -تعالى-، فتحفظ الرأس وما وعى، فلا تنظرُ إلى حرام، ولا تسمعُ الحرام، ولا تقولُ الحرام، وتحفظُ البطنَ وما حوى، فلا تأكلُ إلا حلالاً، ولا تشربُ إلاَّ حلالا، وتذكرالموت [ ] البلى.



صور من حياء الصحابيات:

لقد كانت نساءُ الجيل الفريد، تتميز بهذه الصفة العالية، فهذه عَائِشَةَ -رضي الله عنها- تقول: ((كُنتُ أَدخُلُ بَيتِي الَّذِي دُفِنَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبِي، فَأَضَعُ ثَوبِي، فَأَقُولُ إِنَّمَا هُوَ زَوجِي وَأَبِي، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُم فَوَاللَّهِ مَا دَخَلتُ إِلَّا وَأَنَا مَشدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي حَيَاءً مِن عُمَرَ))[3].

رضي الله عنك -يا زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أيٌّ سموٍ, أعظمُ من هذا السمو؟!

وأيٌّ حياءٍ, أعلى من هذا الحياء؟ تستحي من رجلٍ, قد مات ودفن تحت الثرى!! فماذا نقولُ لبعض المسلمات اللاتي تساهلن بالحجاب، ورفع الصوت مع الرجال الأجانب؟!! فأين حياءهن؟!!



تقول أسماء بنت أبي بكر-رضي الله عنها-: ((تَزَوَّجَنِي الزٌّبَيرُ وَمَا لَهُ فِي الأَرضِ مِن مَالٍ,، وَلَا مَملُوكٍ, وَلَا شَيءٍ, غَيرَ نَاضِحٍ,، وَغَيرَ فَرَسِهِ، فَكُنتُ أَعلِفُ فَرَسَهُ وَأَستَقِي المَاءَ، وَأَخرِزُ غَربَهُ وَأَعجِنُ، وَلَم أَكُن أُحسِنُ أَخبِزُ، وَكَانَ يَخبِزُ جَارَاتٌ لِي مِن الأَنصَارِ، وَكُنَّ نِسوَةَ صِدقٍ,، وَكُنتُ أَنقُلُ النَّوَى مِن أَرضِ الزٌّبَيرِ الَّتِي أَقطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى رَأسِي، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَي فَرسَخٍ,، فَجِئتُ يَومًا وَالنَّوَى عَلَى رَأسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَمَعَهُ نَفَرٌ مِن الأَنصَارِ، فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ: ((إِخ إِخ لِيَحمِلَنِي خَلفَهُ فَاستَحيَيتُ أَن أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرتُ الزٌّبَيرَ وَغَيرَتَهُ، وَكَانَ أَغيَرَ النَّاسِ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنِّي قَد استَحيَيتُ فَمَضَى، فَجِئتُ الزٌّبَيرَ، فَقُلتُ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَعَلَى رَأسِي النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِن أَصحَابِهِ، فَأَنَاخَ لِأَركَبَ فَاستَحيَيتُ مِنهُ وَعَرَفتُ غَيرَتَكَ، فَقَالَ وَاللَّهِ لَحَملُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِن رُكُوبِكِ مَعَهُ، قَالَت حَتَّى أَرسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكرٍ, بَعدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ, تَكفِينِي سِيَاسَةَ الفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعتَقَنِي،)) رواه البخاري[4].



متابعة القراءة





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق