السبت، 24 مايو 2014

عليكم أنفسكم


عليكم أنفسكم...



فضيلة الشيخ



النميري بن محمد الصبار








بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:



الخطبة [ ] الأولى:

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جعل الأمرَ بالمعروفِ والنهي عن المنكر القطب الأعظمَ في الدِّين، والمهمّ الّتي بعث الله لها النبيين أجمعين، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ فَهُوَ لِلْحَمْدِ أَهلٌ، وَأَشْكُرُهُ عَلَى نِعَمِهِ فَلَهُ المِنَّةُ وَالفَضلُ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، دعا عباد المؤمنين إلى الالتزام بالدعوة [ ] إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليكون الفلاح حظّهم في الدّارين﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾آل عمران:104 وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّـنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، كان خير الداعين إلى الخير، والآمرين بالمعروفِ والناهين عن المنكر ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾الأعراف:157. صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ.

أمّا بعد فيا أيّها المؤمنون الكرام، يقول الحقّ تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ المائدة:105فهل تدعو الآية إلى الاهتمام بإصلاح شأن النّفس وترك النّاس أحرارا في أقوالهم [ ] وأعمالهم [ ] وتصرّفاتهم كما يذهب إلى ذلك الداعون إلى الحريات الشخصية؟ وهل يقتضي هذا الفهم ترك واجب الأمر بالمعروف والنهيِ عن المنكر وإسقاطَه لمجافاته حقوق الإنسان وحرّياته في عصر الحقوق والحريات؟ وكيف نفهم نحن الّذين آمنّا بالله ربّا وبالإسلام دينا ، وبمحمد ﷺ نبيئا ورسولا،قولَ الله تعالى: ﴿عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾؟

أيّها المؤمنون الكرام، تتعالى الدعوات من هنا وهناك لتجديد فهم معاني الحقوق والحرّيات في عصرنا بعيدا عن التفاسير الدينيّة التّقليديّة الّتي تضيّق على النّاس حرياتهم وتنغّص عليهم حياتهم، وتحرمهم ملذّاتها ومنافعها كمّا يزعم أصحاب هذه الدّعوات، والغريب أنّهم في الانحراف بالناس عن تعاليم الدّين ومبادئه يتدثرون بدثار الإسلام، و يدّعون التّبشير بتجديد الدين وتحديثه ليواكب التطورات وينسجمَ مع المستجدات، ولذلك ينادون باحترام الحرّيات وممارستها بلا قيد ولا ضابط، وتجنّب التدخل في الشؤون الخاصة للناس، بأمرهم بالمعروف الذي لا يرغبون في فعله، ونهيهم عن المنكر الذي يرغبون فيه؛ لتعارضه مع الحرية الشخصية الثابتة في الإسلام، ويستدلّون على صحّة رأيهم بقول الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾، فالله حسب تفسيرهم "الجديد" لا يوجب علينا الأمر بالمعروف والنهيَ عن المنكر، وإنّما يأمرنا بالاهتمام بأنفسنا، وتحمّل المسؤوليّة عنها، والانشغال بها عن غيرنا الّذي لا يضرنا ضلاله ، ولا يضيرنا تصرّفه، ولا يعنينا أمره





متابعة القراءة





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق