الاثنين، 11 يناير 2016

هل الإنسان مسير أم مخير ؟



السلام عليكم ورحمة الله
السؤال:
سؤالي فضيلة الشيخ محمود سمهون :

هل الإنسان مسير أم مخير ؟
وإذا كان مخيراً ألا يتناقض التخيير مع القضاء والقدر؟
الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعـد:
الإنسان مسيَّر في أشياء ومخيَّر في أشياء يعني هناك أشياء الإنسان فيها مسيَّر ليس له فيها إرادة، منها ما يتعلق بالنظام الكوني العام من حوله، وذلك كتسيير الأمور أو تكوّر النهار على الليل... هذه الأشياء تجري بأقدار ولا دخل للإنسان فيها وهي بأمر الله سبحانه وتعالى، لا يستطيع الإنسان أمامها شيئاً، أيضاً هناك أشياء تتعلق بالإنسان كولادته وأبيض أو أسود، طويلاً أو قصيراً، ذكياً أو غبياً يعني هذه الأشياء أيضاً فكل هذه الأشياء الإنسان فيها مسيَّر أي هي مقدرة عليه من الله عز وجل.
في النظام الكوني العام الإنسان مسيَّر وفي بعض أعماله هو مسيَّر مثل ما اختير له من لون ومن طول ومن قصر ومن ذكاء ومن غباء ومن..الخ، بل بعض أعمال الإنسان نفسها، يعني الإنسان مثلاً يأكل باختياره إنما بعد ذلك عمل الجهاز الهضمي ليس باختياره يعني تشتغل المعدة بدون اختيارك، الجهاز الدموي الأوعية الدموية والقلب وتدفقات الشرايين ليس لك فيها أيضاً اختيار الجهاز التنفسي.. كل هذه الأشياء ليس للإنسان فيها اختيار هناك الإنسان الشيء المخيَّر فيه ما نسميه الأعمال الاختيارية التي يعملها الإنسان بإرادته يفكر فيها ويختارها وينفذها، الله سبحانه وتعالى أعطى الإنسان عقلاً به يفكر وإرادة بها يرجّح وقدرة بها ينفّذ فهذه الأعمال مثل الإنسان يصلي أو يزكي أو يكتب أو يقرأ أو يعمل خلاف ذلك يشتم يسب يشرب الخمر يعني الأعمال الصالحات والأعمال السيئات هذه هي الأعمال الاختيارية التي يحاسَب عليها الإنسان لأنها صادرة عن علم منه وعن إرادة واختيار و قدرة.
وسئل الشيخ العلامة ابن عثيمين –رحمه الله تعالى– مثل هذا السؤال (هل الإنسان مسير أو مخير؟) فأجاب –رحمه الله تعالى- "على السائل أن يسأل نفسه هل أجبره أحد على أن يسأل هذا السؤال وهل هو يختار نوع السيارة التي يقتنيها ؟‏ إلى أمثال ذلك من الأسئلة وسيتبين له الجواب هل هو مسير أو مخير ‏ثم يسأل نفسه هل يصيبه الحادث باختياره ؟‏ هل يصيبه المرض باختياره ؟‏ هل يموت باختياره‏؟‏ إلى أمثال ذلك من الأسئلة وسيتبين له الجواب هل هو مسير أو مخير‏. والجواب‏:‏ أن الأمور التي يفعلها الإنسان العاقل يفعلها باختياره بلا ريب واسمع إلى قول الله تعالى-‏:‏ ‏ ﴿فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً﴾ [النبأ:39] وإلى قوله تعالى ﴿مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾ [آل عمران :152] وإلى قوله تعالى ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً﴾ [الإسراء:19].‏ ولكن العبد إذا أراد شيئاً وفعله علمنا أن الله -تعالى -قد أراده -لقوله -تعالى-‏:‏ ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [التكوير:29] فلكمال ربوبيته لا يقع شيء في السموات والأرض إلا بمشيئته تعالى‏، وأما الأمور التي تقع على العبد أو منه بغير اختياره كالمرض والموت والحوادث فهي بمحض القدر وليس للعبد اختيار فيها ولا إرادة ‏.‏ والله الموفق‏.



هل الإنسان مسير أم مخير ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق