الأربعاء، 31 ديسمبر 2014

بعض مما يقال في باهي الجمال

[frame="9 10"]
أروع ما قيل في وصف هذة الرحمة العظمي لجميع العالم في كتاب {الطهور المدار علي قلوب الابرار} - ص47 وما بعدها - حيث جاء {أرسله الله رحمة للعالمين , ونعم ، لأنه رحم الحسَّ بما أباحه له من النظر ، والسمع ، والشمِّ ، والذوق ، واللمس ، والتمتع بنعم الله من مسرات الملك والملكوت ولم يكن ذلك قبله صلى الله عليه وسلم

رحم الجسم صلى الله عليه وسلم بما متعه الله به من الزينة والرياش ، والتنعم بالمشتهيات المباحة شرعا ، والجزاء عليها إذا استعملها العبد بطريق الرعاية ، قال سبحانه {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} الأعراف32

رحم العقل صلوات الله وسلامه عليه ، لأنه جعله السلطان الفاعل في الهيكل الإنساني ، وأمر بالإقتداء به ، والنظر به في كل الحقائق ، فأظهر العقل سرَّ تسخير ما في السموات وما في الارض للإنسان , وذلَّت الحقائق كلها أمام الانسان ، بعد أن كان يعبد الأنهار ، ويقدِّس البهائم والأناس ، فظفر العقل بنهاية بغيته به صلى الله عليه وسلم

وتلك الحقائق جليَّة ، إذ قبله صلى الله عليه وسلم كان العقل مملوكاً للشهوة والحظِّ والهوي ، فكان الإنسان يعبد الحجر ، ويذلُّ له ، حتى بلغت عزَّة المسلم الذي خرج من الجاهلية العمياء أن يطأ ربَّه الذي كان يعبده بنعله ، وكم من جاهلي أسلم فكسر الصنم إذلالا له وإعزازاً للحق ، وكثير منهم أخذ قطع الاصنام فجعلها توضع في المراحيض

رحم صلى الله عليه وسلم الملائكة وعالين ، وأعلي عليين ، بما جمَّل الله به المسلمين من معاني رضوانـه ، وعفـوه ، وغفـرانــه ، وقبولــه ، ومواجهته , وأهل حظائر الملكوت يؤنسهم ويسرهم رضا مولاهم

رحم العالم الحيواني والنباتي ، بما أودعه من الرحمة في قلوب المسلمين الذين يستعملون تلك الأنواع ، فصدق الله العظيم {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} الأنبياء107

جمَّل الله حبيبه بأسمائه الحسني ، ولم يجمل أحداً بهذا الجمال أبدا فقال {حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} التوبة128

وأكمل له الجمال بأن منحه كل اخلاقه الالهية ، قال سبحانه {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }القلم4 - بإضافة خلق إلي عظيم.: يعني لعلي خلق الله تعالي

أثبت له الشفاعة العظمي إثباتا جليا بينا بقوله{ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا} التحريم8

وكلنا يفهم أنه رحمه الله العامة ، ومن منحه الله تلك الرحمة لا يكون أنسه ومؤمن في النار يعذب , ومعني أنه لا يخزيه سبحانه يقتضي أن يكون له طلب وأمل ومقصد , وطلب هذا السيد العظيم صلى الله عليه وسلم نجاة العالم الإسلامي في هذا الموطن

رفعه الله تعالي رفعة لم يرفعها أحداً أبدا ، فأقامه مقام الرفعة التي تناسب كمال الألوهية ، بجعل العالم أجمع يحمدونه ، والحمد في الحقيقة لا يكون إلا لله سبحانه قال تعالي {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً} الإسراء79

والمقام المحمود كما بينه مجاهد وابن عباس : أن يجلسه فوق العرش ، ويقول {يا محمد أنا منزه عن الجسم ، وغنيٌّ عن المكان ، فاجلس هنا ليعلم الناس مقدار منزلتك عندي ، ولديها يحمده العالم أجمع وهو المقام المحمود} إنتهي

تلك النعم لا تقتضي بطرا وكفرا , ولكنها تقتضي ذلا وشكرا ، فاستحضر نشأتك الأولى , وانظر إلي ما تفضل الله به عليك بانتسابك إلي هذا السيد العظيم صلى الله عليه وسلم ، وقف موقف الحيرة عجزا عن حصر الآلاء , والدهشة قصورا عن عد النعماء , ثم انظر الي هذا السيد بالعين التي تليق بما خولك الله ، لتعلم مقدار فضل الله عليك , ولتذكر نعمة الله المشار اليها في قوله تعالي {وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ} آل عمران103

يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ، والشكر يا أخي في هذا المقام كمال اتباعه صلى الله عليه وسلم ، ومع أن اتباعه صلى الله عليه وسلم واجب لكمالاته ، ولأنه شكر للمنعم ,لكن الله تفضل علينا باتباعنا له فجعلنا محبوبين له {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} آل عمران31

إن التاجر الكيِّس يترك النوم والراحة لربح قليل يزول بموته ، وربما كان لاينفعه , فكيف بك أيها العاقل وأنت باتباعك له تمنح مسرات حسِّك , ونعيم جسمك , وبغية عقلك , وطلبه روحك في الدارين , وتظفر بمحبة الله تعالي التي ترخص في سبيلها الجنة ونعيمها

إني أعجب يا أخي كل العجب من رجل يعمل الخير لنفسه ليظفر بالحسنيين بتوفيق الله ومعونته ، ثم ينسب الله إليه ما أعانه علي فعله كأنه أوجـده ، وأبدعه ، ثم يمنُّ عليه بمحبته جلَّ جلاله ، كل ذلك بسبب إتباعه له صلى الله عليه وسلم

فما أخفّ ما أمرنا به وأسهله ، وما أعظم وأجمل وأكمل ما تفضل به علينا ، فشقيٌ والله عبدٌ عبد هواه ، ولم يتبع رسول الله ، أسال الله سبحانه أن يوفقنا لكمال اتباعه , وأن يمنحنا الإخلاص , وأن يفنينا عن شهود الإخلاص فى أعمالنا ، حتى لا يكون بيننا و بينه مايحجبنا عن شهود جماله الظاهر , وإحسانه الوافر وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي اله وصحبه وسلم

قال أحد الصالحين :

رأيت الجمال أراني الجميلا فوضح جلَّ إليه السبيلا

جمالك طه أراني غيوبا وأجلي لنا السر نلنا الوصولا

ومن قبل كنا ظلاما وجهلا فصرنا بطه رجالا فحولا

أتانا بنور قرآن مجيد فأحيا القلوب أعز الذليلا

علمنا علوما شهدنا غيوبا فقهنا بطه فروعاً أصولا

بُعثتَ سراجا لنا يا حبيبي فكنت لنا الخير والسلسبيلا




[/frame]




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق