رسولُ البشريّة لكلّ العصور ~ ~
لقد أتى على الإنسانيّة حينٌ من الدهر ...
كانت فيه كلّ أمّةٍ منكمشة على ذاتها ... منعزلةً عن سائر الأمم..
وكان استشرافها مقصوراً على بيئتها المباشرة ..
فهي تحسب نفسها الكل في الكل ..
وهكذا شاءت الحكمة الإلهية أن تبعث إلى كل أمّةٍ بنبيٍّ مستقلٍ...
كُيّفت رسالته وفق حاجاتها وأحوالها الخاصة ..
ولقد آدّى هؤلاء الأنبياء الرسالة .. وهي إحياء أمّةٍ بعينها ..
ولكن حقل رسالتهم كان محدوداً .. وإشعاع طاقتهم كان محدود النّطاق كذلك ..
فكاتت الشعلة تتوهج فترة من الزمان ثمّ تخبو شيئاً بعد شيء...
حتى أتى زمان عمّ فيه الظلام .. وباتت الحاجة إلى مصلحٍ
ينير ظلمات العقول ... على أشدّها..
ومن هنا آتى نبيٌ تتخطى قوته الروحية كلٌ تخمٍ .. وتمتد فعاليتها إلى آخر الدهر .
أجل ..! كان لكلّ أمّةٍ نبيّها ومصلحها وهاديها ،
والرسول الذي رفع شأنها أخلاقيّاً،
ولكن محمداً صلى الله عليه وسلّم هو الرسول الأعظم ..
ليس لأمّةٍ واحدةٍ بل رسول أمم العالم كافّة ؛
لأنه دون غيره من الأنبياء أعلن أنّ الإيمان بجميع رسل العالم
جزءاً أساسيّاً من العقيدة التي بشّر بها ،
وبذلك وضع حجر الأساس لسلّمٍ سرمديٍّ بين الأمم
على اختلاف أجناسها ،وأشكالها، وأديانها السماوية .
لقد أحدث تحوٰلاً في الحياة نحو الأفضل لم يُحدَث نظيره ... لاقبله ولا بعده .
حال العرب قبل وبعد الرسالة ~
جاء محمد صلى الله عليه وسلم ... والعرب غارقون في الدرك الأسفل من الجهالة ..
لم يكن لديهم أيّ اتصال بسائر أجزاء العالم ..
كان التماسك القومي شيئاً مجهولاً لديهم .. إذ كانت كل قبيلة تشكل وحدة مستقلّة
وفشلت كل محاولة لرتق هذا التمزّق ... وإصلاح شأنهم ...
ثم هلّ و أشرق النور المحمّدي .. !!
فما هي إلا سنوات معدودات .. حتى محى جميع ضروب الفساد الديني
والأخلاقي والاجتماعي الراسخة الأصول في بلاد العرب ...
لقد حلّ أصفى شكل من أشكال الوحدانية ... محل صنوف الخرافات والوثنية المنحطّة
فإذا بأبناء الصحراء يفعمون بحميّة جديدة لقضية الحقّ ..
إفعاماً حملهم إلى أقاصي العالم ... ليؤدّوا رسالة الله ...
بزّوا أعظم النسّاك والزهّاد .. وما تخلّوا عن حياتهم ونشاطهم ..
لكنّهم .. ماأن يطرق صوت الأذان مسامعهم ..
حتى يطرحوا همومهم الدنيوية ويسجدوا خاشعين لله ..
ينفقون معظم لياليهم متهدجين مستغفرين ... تتجافى جنوبهم عن المضاجع
خوفاً من الله تعالى .. وطمعاً في جنّته ..
خاتم الرسل وهادي البشرية ~
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق