كانت هذه هي حكمة الأسبوع التي علقت في غرفة المعلمات.
دخلت المعلمة موضي، فتأملت هذه اللوحة كثيرا، ثم ابتسمت، ثم ابتسمت، ثم طالت ابتسامها، فسألنها ما هو سر ابتسامتك الطويلة.
فأجابت موضي: مثل مشهور لطالما أزعجني، لم أجرب قطع السيف، وآمل أن يتوفاني الله دون ذلك، ولكنني كلما سمعت بهذا المثل أتحسس رقبتي، وأكاد أشعر بالقطع حقيقة، لذا اتخذت منذ صغري جميع احتياطاتي، لأوقف هذا الحد عني حتى لو كان في آخر لحظة، وكأنها إشارة باليد من أهل الدم أن أوقفوا الحد على هذا القاتل، لذا منذ وعيت وأنا أنشر الساعات حولي، وتكاد تكون ساعة المعصم هي زينتي الوحيدة، وهي الوحيدة التي لا تفارق جسدي، ينغص علي الوقت حتى في متعتي، وأندم على إهداره، كأنني أراه آبار نفط تحترق، ويكاد يتفطر قلبي عليه، مع فارق التشبيه، فربما كان للبلد آبار أخر تستمر الحياة بها، ولكن وقتي هو بئري الوحيد، لذا أحرص عليه شديد الحرص.
لكم أدخلت الرعب إلى قلوب زميلاتي في السكن الجامعي، ففي إحدى المرات وبينما نحن في غمرة لعبنا وضحكنا، وفجأة ودون سابق إنذار، شهقت فزعة حين وقع بصري على ساعة إحداهن وقد زينت طاولة السرير، فاصفر وجهي، فانقلب لعبهن حزنا وبأسا. فصرخن في تفاعل بناتي كالذي يظهر في الأفلام، وقفزت الدموع سراعا إلى مقلهن، و لم أرد، بل وضعت يدي فوق فمي مبحلقة إلى الاتجاه الآخر من الغرفة، حيث تقبع ساعة المنبه على عرش طاولة السرير الثاني، ولكنها هذه المرة بحجم أكبر وبوقت متقدم، فيعصرني معرفة الوقت ألما، فأطلق شهقة أشد حرارة من قبلها، فأيقنت شلة الأنس أن مكروها أصابني، وتعاطفن معي كتعاطف البنات الحار وكل على شاكلته.
الجميع انهمر بالدموع على ما أصاب حالي، وخاصة أننا كنا نتكلم عن قصص الجن التي يقال أنهم يعششون بالوحدة السابعة عند جيراننا، وهذه أهم العناوين الرئيسية التي تسيطر على أحاديث ساكنات السكن الجامعي.
أما هند مطوعتنا، مابين دموعها أمسكت برأسي، وبدأت تقرأ المعوذات، وتنفث على رأسي، أما عواطف فلها من اسمها نصيب، فلقد انفجرت بالبكاء وبدأت تحضنني قائلة: اسم الله عليك يا عمري، يا حياتي، وكانت جميع تعليقاتها باللهجة الخرجاوية المفعمة بالعاطفة. أما أحلام، واسم الدلع لها أخبار، فانطلقت كالريح تبث الخبر لأنحاء المعمورة، وأظن أن هذا الخبر قد وصل الشجر والمدر وكل مكان استطاع أن يصله لسانها وقدمها، أدركت الآن سبب رشاقتها.
أما أنا فقد كنت أعيش وكأنني في غيبوبة، أطبقت على فمي بقوة وأنا أنظر إلى الساعة، لست أدرك ما حولي فقد كان لدي اختبار فيزياء. ولم أفتح منه صفحة واحدة. وصلت أول النجدة جارتنا البحرينية من الشقة المجاورة.
وبلهجة بحرينية: اسقوها ماء.
وجاء الماء سريعا، واتبعت جميع التعليمات التي أعطيت لي في وقت واحد فذكرت الله، و شربت الماء، ثم أبعدت عني عواطف التي تكاد تخنقني. وتمنع الهواء عني.
-ـ سلامات ماذا بك؟!
ـ انظرن إلى الساعة لقد مضى الوقت ولم أدرس، أو لم أستعد لاختبار الفيزياء.
فأجمعن قائلات:
- ـ ألهذا السبب صرخت؟؟
- فـأومأت برأسي بنعم.
ولم أدر إلا بكأس الماء يسحب مني، ويرش علي، ثم تبعتها دفعة قوية من عواطف العاطفية، فقذيفة صاروخية من أحلام الرشيقة:
والله كنت أنوي أن أعمل لك إسعاف توقف التنفس الدوري الذي درسناه اليوم، ولكنهم درسونا أن يكون الشخص مغمى عليه، وكنت أتساءل كيف أقوم بالإسعاف وأنت جالسة.
واستمرت بقية التعليقات النارية ثم هجوم بالمخدات و.....
ولكن كنت كاملة الاقتناع برأيي.
ـ ويحكن!! ألا تدركون أن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك؟!.
د بشرى عبدالله اللهو ...
د بشرى عبدالله اللهو ...
via منتديات كويتيات النسائية http://ift.tt/1hrh9M7
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق