الأحد، 2 نوفمبر 2014

مصير المفسدين في الأرض






انتصبت سفينة نوح عليه السلام على البر قويةً..رائعةً.. محكمة الصنع ..

كيف لا .. ونوح كان ينشيء كل جزء فيها بأعين الله ووحيه..؟!

( واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلمواإنهم مغرقون )

حتى إذا اكتمل البنيان .. وآن الأوان ..

وجاء أمر الله بالتهيوء للحدث الكبير ..!

جمع نوحٌ .. وهو الربان القائد : في السلم .. وعند الكارثة..

القلة من أتباعه المؤمنين ..

تلك الحصيلة النزرة اليسيرة ..

من دعوةٍ..استهلكت ألف سنة إلا خمسين عاماً..!

وحمل في الفلك معه زوجين من ذكر وأنثى .. من كل مادبّ وما حلّق من المخلوقات

ليحفظ تلك الكائنات من الانقراض .. بعد حلول الدمار الشامل بأمر الله ..!

وعندما حانت ساعة الاستجابة لدعوة نوح "المغلوب" لربه تعالى أن "ينتصر"..

وعند اللحظة الكونية الحاسمة .. !!

تلبدت السماء وماجت بالغيوم الثقيلة..السوداء .. المخيفة..! وأبرقت وأرعدت ..!

فانهمر المطر هطلاً شديداً.. قوياً ..غزيراً.. دافقاً .. دون هوادة ..!

واهتزت الأرض ومادت .. ثم مالبثت أن تفجرت منهاعيون الماء ..

من كل صوبٍ وحدبٍ..! مالها عدٌ .. ولا عدد.. !

تتدفق بلا توقف كأنها أفواه قرب ..!

فامتلأ الفرات ، وفاض الماء على جانبيه.. وساح حتى غمر الأرض من حوله ..

وارتفع ... ثم ارتفع ..ثم ارتفع حتى بلغ سنام الجبل .. وغطاه ..!

والمطر مازال يصب بلا انقطاع.. وبقوة ..!

« ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر، وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمرٍ قد قدر»

إن الماء الذي هو رمز النماء والحياة والخضرة والنضرة ..

يتحول هنا إلى رمز للغضب والنقمة والدمار والهلاك ..

فيفني الأرض ومن عليها من الأحياء ..!

ويغرق الأخضر واليابس ..

ويقتلع جذور الفساد الذي كان قد عمّ واستشرى ..!

وبينما كانت تلك القوى الهائلة تزاول عملها بأمر الله ..

كان سبحانه- بذاته العليا-

مع عبده المغلوب يكلؤه بعين رعايته ..

ويسيّر فلكه بيد عنايته ..

يمضي به وبمن معه بعيداً.. عن موطن الهلاك ..

شاهدين بأم أعينهم ..!

طغيان الماء على الطغاة ..

ونهاية فصل من فصول الباطل ..!

وحين تتحقق الغاية من الطوفان ..

يكفّ المطر .. ويغور الماء ..ويعمّ السكون والصمت المطبق ..!

وتعود الأرض بكراً جديدة .. مستوية.. طاهرةً كأن لم تطأها قدم ..!

تعود كيوم خرجت من يد القدرة المبدعة ..

مهيأة ليبدأ على صعيدها فصول رواية جديدةٍ ..

تنسج خيوطها طلائع الإيمان ..!

وترسي السفينة على " الجودى " ..

إن الطوفان كان تحقيقاً لوعد الله بالنصر ..

وصورة من صور القوى الهائلة التي يسخرها الله للمؤمنين ..

ودعوة للنفوس المؤمنة في أي زمانٍ ومكانٍ إلى الثبات والصبر ..

والثقة في أن وليّها لايعجزه شيء في الأرض ولافي السماء ..

وأنّ الإبتلاء فترةٌ قد تطول .. وقد تمتد إلى زمن لايعلمه إلا الله ..

فعليها أن لا تضعف .. وأن لاتتواني ..وأن لاتيأس ..

وأن تدع الأمور لله تعالى يسيرها بقدرته وحكمته ولطفه ..كيف يشاء ..

وأن تلجأ بالدعاء كل آن .. التجاء العبد الضعيف .. إلى المعين الناصر ..

وأن تنتظر ساعة الفرج .. انتظار الواثق المطمئن ..






~ بقلمي ~





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق